كيف تكون قائداً؟

بقلم: أ/ عصام غانم

يعمل لدى إدارة مدرسة الذيد الخاصة تفرع في الوظائف الإدارية من معلم إلى منسق إداري ونائب مدير في العديد من المدارس

إن مجرّد التفكير في صناعة القائد أمرٌ مهم بحدِّ ذاته، إلا أنَّه يتعين على من يَرغب حصد هذا اللقب وتلك المنزلة مَعرفة الأساسيّات العامّة والناظمة لصناعة القائد، والظروف الزمنية والمكانيَّة المثلى لصناعته وإطلاقه.

إنّ أهم مصانع القيادات تكمن في منزل الأسرة وإجتماعها؛ إذ إن تنمية مهارات الأطفال وتعزيز قدراتهم وإيجابيتهم وثقتهم بأنفسهم تؤسّس لتوطين الصفات القياديَّة فيهم، ويلي ذلك اهتمام المدرسة وتربيتها لتُكمل الدور الذي بدأته الأسرة، ثم تستمر عمليَّة التدريب على القيادة في أحضان المُجتمع بمختلف مؤسساته وعلى اختلاف المراحل العمريّة لأبنائه، فتدريب الأطفال على القيادة مستمر في مرحلة الشباب، ليترك الأثر الواسع في اكتشاف مَهاراتهم القياديّة وإثراء سعيهم في صِناعة أنفُسهم كقادة.

أهم صفات القادة:

يصنع الإنسان من نفسه قائداً عظيماً إذا أراد ذلك بإيمانٍ مطلق وسخَّر لإرادته أسباب الوصول والتحقيق، والتدرُّب على القيادة يبدأ بسعي الفرد ذاته بأن يَمتلك مهارات القيادة وفنونها، ولعلَّ من أهم هذه المهارات والصِّفاتِ التي ينبغي على القائدِ أن يتقنها الآتي:

  • الإلمام الواضح بالبيئة التي يُقيم فيها ويسعى لإظهار نفسه كقائد فيها وبكافّة عناصرها واحتياجاتها وتفاعلاتها.
  • إتقان اختيار شركائه في العمل بهدف الوُصول إلى تحقيق المَهام التي يسعى لتلبيتها.
  • الإحاطة المعرفيّة فيما يخصُّ بيئة العمل الذاتي أو المُستهدف.
  • القُدرة على معرفة الأولويات وترتيبها وموازنتها بالاحتياجات المَطلوبة والأهداف المنشودة.
  • إدراك خصائصه الشخصيّة ودوافعه للعمل ومُتطلّباتِ وجوده ومميّزات شخصيته، والقدرة على تَحديد نقاط القوّة التي يَمتلكها، وجوانب الأداء التي تحتاج إلى تطوير وترتيب في شخصيّته، ثمّ يَسعى لمُعالجة الضعف وبذل الوسع في تطوير ذاته وتحسين أدائه لضمان تفوّقه وريادته.
  • إمتلاك القدرة على تحديد خصائص شُركائه في فريق المؤسّسة أو الأسرة أو أيّ مجالٍ يُمارس فيه قيادته ليَستثمر مَواهبهم وقدراتهم في تطوير مجتمعهم وتأهيلهم بما يَتناسب مع طموحات ذلك المجتمع وأهداف تلك المؤسسة.
  • إمتلاك إحساس منصف ومشاعر خاصَّة تؤثر في العلاقات وتثريها وتُعزّزها ليتحقّق التقارُب والتواد في جوِّ المجتمع.
  • إمتلاك القدرة على تأسيس فريق العمل الخاص بمهمّاتٍ معيّنة بما يتلاءم مع إحتياجات المهمّة ومتطلّباتها، ويُحقّق التجانس والشّغف بين افراد الفريق.
  • القدرة على إكتشاف أحوال من حولِه ومن هم تحت قيادته من النواحي النفسيّة والسلوكية والعاطفية، ممّا يسهل عليه وضع الآليات العلاجية المُناسبة والحلول الاستباقيّة للمَشاكل المتوقّعة على مُستوى الفرد والمؤسّسة.
  • التمتّع بشخصيّة مرنة متوازنة تُغيّر الآليات والخطط والاستراتيجيات دون أن تتغيّر.
  • حُسن الاستماعِ والإنصاتِ للمتحدِّث مهما علا شأنه أو قلَّ، وبذلك يُصبح القائد قادراً على الوصول إلى قلوب الناس والتأثير فيهم.
  • الإحساس بالمسؤوليّة وإستشعار حجم الأمانة الموكلة إليه مع الدراية والوعي بأنّها تكليفٌ منوطٌ بإنجاز، لا تشريف متوقّف على الشخص ذاته.
  • التمتّع بالخبرة العالية والدراية في تَوزيع المناصب والأدوار والمهمات حسب ما يَتناسب مع إمكانيّات الأفراد وقُدراتهم وخبراتهم وكفاءاتهم لا على ما تُمليه عليه نفسه وهواه.
  • عدم الخُضوع لطرف أو فردٍ مهما كانت خبرته وكفاءته، بل إنّه يسعى لتنويع مصادره في المَعارف والاستشارات والمعلومات، ويقود توجّهاته بناءً على البيانات والظروف لا على الإملاءات الشخصيّة.
  • القدرة على التأثير والإقناع ورفع المعنويّات، ومن أهمِّ واجباته تجاه فريقه التَّحفيز وشحذ الهِمم والتوجيه السليم المنظَّم.
  • عدم عزل نفسه عن فريقه ومُجتمعه؛ بل يبقى مشاركاً قريباً وحاضراً في كلّ المُناسبات والظروف ليُعزّز مَكانته عند فريقه ويوطِّد العلاقات ويكسب الحبّ والتأثير.

القيادة بين الولادة والصناعة

تبنّى الكثير من السابقين فكرة أنّ القيادة هبة سماوية تُمنح لبعض الناس على خصوصهم دون تعميم، وأنّها إرث متداولٌ، غير أنّ الإدارة الحديثة أثبتت فشل هذه الظنون التي محت القدرة والتطوّر لدى الكثيرين؛ فوجود القيادات العظمى التي نشأت بظروفٍ بسيطة أثبت أنّ القيادة صناعة لا ميراث، وأنّ التعلّم والتدريب مفتاح لصناعة القيادات وتمكينها وتعزيزها في نفوس الناس ليتطبّعوا بالاستعداد والقدرة التي تؤدي في النهاية إلى ربطهم بالطريق الصحيح للقيادة، ولذلك فإنّ المعرفة وحدها لا تكفي لصناعة القادة؛ بل إنّ المتطلّب الأهم هو العمل والجهد والمثابرة المنوطة بتحقيق الهدف والوصول إلى درجة التأثير والقيادة.