علم الخطوط الزائف

بقلم: بتول سليمان

علم الخطوط فرع من مجموعة من ممارسات العلوم الزائفة يسمى “قراءة الأحرف”. افترض قارئو الأحرف في أوقات مختلفة أن بإمكانهم النفاذ الى التكوين النفسي للبشر عن طريق عدة علوم مزيفة مثل علم الفراسة (تفسير ملامح الوجه)، قراءة الكف (تعرجات خطوط اليد)، قراءة الفنجان. وقد نجح خبراء الخطوط في جذب حشود من الأتباع وأقنعوا كثيرا من العوام أن ما يقومون به قائم على العلم. وقد وجد مئات من خبراء الخطوط عملا مربحا من تبنيهم هذا العلم. كما تستعين العديد من المنظمات بمشورة خبراء الخطوط في المسائل ذات الصلة بالموظفين. كما أن بعض المؤسسات المالية توظف خبراء الخطوط لتحليل ما إذا سيكون مقدمو طلبات القروض  أهلا للثقة أم لا.

يبدأ تاريخ علم الخطوط من الطبيب الإيطالي “كاميليو بالدي” الذي عاش في القرن السابع. حيث ألهم مجموعة من رجال الدين الكاثوليك الذين كان من بينهم القس “جان هيبوليت ميشون” الذي ابتدع مصطلح علم الخطوط عام 1875 والذي أسس المنهج التحليلي . إن العديد من مدارس علم الخطوط لا يمكنها أن تتفق على دليل يجمع بين كل سمة والعلاقة التي تشير إليها. فبعض المحللين يؤمنون أن ميل الفرد الى وضع شرطة مائلة فوق حرف ‘t’  تشبه شكل السوط، هو شخص عملي محب للفكاهة ( رغم عدم وجود دليل علمي على ذلك). 

يدعي أنصار المذهب التحليلي أنهم تمكنوا من تحديد مئات من مؤشرات معينة لخط اليد تدل على سمات الشخصية. من بين تلك المؤشرات الخطافات الصغيرة الموجودة في حرف ’s‘ أنها تفصح عن استعداد لانتزاع ممتلكات الآخرين. بالاضافة الى ان الكاتبين الذين تنحرف جملهم إلى الأعلى يتصفون بالتفاؤل، أما الذين تنحرف جملهم الى الأسفل فيتصفون بالتشاؤم. 

لم يتوقف الموضوع عند تحليل الشخصيات ووصفها بل تمدد الى ادعاءات للمداواة بالخطوط ومحو السمات غير المرغوب بها عند الشخصية عن طريق ازالة علامات الخطوط المزعجة التي تنطوي على مشكلات من خط اليد.

من أبرز الأسباب التي يعرضها مناصرو علم قراءة الخطوط هي أن “خط اليد هو خط المخ”. عبارة صحيحة حيث أظهرت الدراسات أن خط القدم عند بعض الأفراد يشبه خط اليد، مما يوحي بأن نمط الكتابة هو شيء من اختصاص المخ أكثر من كونه عمل أطرافنا. مع ذلك فإن الدماغ يتحكم بالاضافة الى الكتابة بالعطس والسعال والتقيؤ، فتلك أيضا أنشطة يتحكم بها ولا تعني أنها ترتبط بسمات الشخصية.

من الأسباب أيضا هو أن “الشرطة والمحاكم تستخدم علم الخطوط مما يعني أنه موجود ومفيد”. هناك خلط ما بين خبراء الخطوط وخبراء فحص الوثائق المشكوك فيها، فخبير فحص الوثائق يكون محققا مدربا يفترض به أن يبين للمؤرخين أو جامعي المخطوطات أصول الوثائق المكتوبة بخط اليد وأصالتها. وبهذه الحالة يكون التقييم على أساس فرص احتمال كون فرد معين هو من كتب الوثيقة المعينة وليس شخصية الفرد. فليس كل معتقد منتشر لا بد أن يكون صحيحا (كالاعتقاد بأن الكرة الأرضية مسطحة).

 إن دراسة الخط غامضة ومتناقضة إلى حد ما، إذ يقولون إن الكتابة هي مقياس نفسي حساس لدرجة أنها تختلف من لحظة إلى لحظة استجابة لتغيرات مزاجية خفية. ولكن في الوقت نفسه، سيقولون لك إن الكتابة غير منيعة للتغيير، إذ لا يمكنك إخفاء طبيعتك الحقيقية عن طريق تزييف النص الخاص بك عن قصد. فهي على الرغم من ادعاءاتها العلمية تظل غارقة في ماضيها السحري. والمبررات المفضلة لعلماء الخطوط غير كافية.

دائما وأبدا عندما نريد أن نتعامل مع الشخصيات يجب أن نتعامل معهم وفق أعلى درجة ممكنة من التفاصيل. وعندما نريد أن نحلل الشخصية فيجب أن نحللها بأكبر قدر من البدائل والخيارات التي يمكن أن نعطيها للشخصية من أجل أن نقدر على الدخول في تفاصيل الشخصية بشكل أكثر دقة وموضوعية. تحليل الشخصية لا يمكن أن يكون دقيقا بوجود كم قليل من التفاصيل وبالاعتماد على مدخل أو بعد واحد في الشخصية كما يجب ربطه دائما بالأهداف التي تنجح التعامل مع الشخصية بشكل منتج ويحقق نمو بالعلاقة.