علاقة السلوك الظاهر بالاعتقاد غير الظاهر

بقلم: هبة الخليل

السلوك الظاهر هو أي فعل يقوم به الشخص ويظهر ويلاحظه الآخرون من حوله. ويتسم بحدوثه أمام الجميع مباشرةً ويمكن أن يكون إيجابيًا أو سلبيًا. يتأثر السلوك الظاهر بالعوامل البيئية والاجتماعية والنفسية. أما الاعتقاد غير الظاهر فهو حكم عقلي حازم أو مهيمن على الواقع، أو على الذات أو على الآخرين، ولكن لا يتجلى في السلوك الظاهر.

في علم النفس، تتم دراسة المعتقدات غير التعبيرية كجزء من موضع السيطرة، أي تؤثر المعتقدات غير المعلنة على جميع جوانب أفعالنا التي ننطلق منها الى خط تطور الحدث. من هنا يأتي السؤال التالي، هل يؤثر الاعتقاد غير الظاهر على سلوكنا الظاهر؟

الاعتقاد غير الظاهر يرتبط بالسلوك الظاهر بواسطة ما يسمى “الدورة التأكيدية”. هذا يعني أن اعتقاداتنا تؤثر على تصرفاتنا، وتصرفاتنا تؤثر على نتائجنا، ونتائجنا تؤثر على اعتقاداتنا وهكذا دواليك.

الدورة التأكيدية هي عملية تكرار نمطية، تتحقق من صحة معتقداتنا وتؤثر على سلوكنا وأدائنا؛ أي عندما نصدق شيئًا ما، فإننا نميل إلى البحث عن دليل يدعمه ونتجاهل الأدلة التي لا تؤيده.

وبالتالي ننزع للتصرف بطرق تحقق ما نتوقعه – إيجابية أو سلبية؛ وعندما نحقق نتائج تتفق مع معتقداتنا، نشعر بالرضا والثقة، ونقوي معتقداتنا والعكس صحيح.

وهكذا تستمر الدورة وتطول.

يمكن رؤية أثر الدورة التأكيدية في جوانب الحياة اليومية البسيطة، فمثلًا إذا كان الشخص يعتقد انه ليس جيد بما فيه الكفاية في عمله، قد يميل الى عدم مشاركة آرائه وأفكاره في اجتماعات العمل، مما ينعكس سلبًا على تطوره في الوظيفة.

هذه النتائج تؤكد اعتقاده السلبي وتزيد من عدم ثقته بنفسه؛ أما شخص آخر يعتقد أنه ممثل بارع وموهبته تضاهي موهبة ممثلين ذوي أسماء ضخمة على الشاشة، قد يميل الى مشاركة موهبته أينما حلّ وكان ويلاقي الاستحسان والدعم من الآخرين، مما ينعكس إيجابًا على سلوكه فيما يتعلق بالتمثيل.

هذه النتائج تؤكد اعتقاده الإيجابي وتزيد من ثقته بنفسه.

تعتبر دراسة السلوكيات العلنية والمعتقدات غير العلنية مهمة لفهم الثقافة والمجتمع والمنظمات. السلوك الظاهر هو ما نراه ونلاحظه في تصرفات الأفراد والجماعات، لكن دون الكشف عن الدوافع والمعاني والقيم التي تحفزه.

يحدد المعتقد غير الواضح كيف يفكر الأفراد والجماعات ويشعرون ويحللون، لكنه لا يظهر بشكل مباشر أو صريح؛ لذلك، نحتاج إلى فحص كلا المستويين لفهم كيفية ظهور الثقافة والمجتمع والمنظمات، وكيف تؤثر على سلوك الأفراد والجماعات، وكيف يمكن تغييرها أو تطويرها.