تحليل الشخصية والظرفية
بقلم: عبد الهادي الموالي
* الخطوات المنهجية للربط المتين بين الشخصية والظرفية
إذا كان تحليل الشخصية هو عملية دراسة وفهم الصفات والسمات الفردية التي تحدد سلوك الشخص وردود أفعاله فإن الظرفية تعنى بدراسة الشخصية وفق الظروف المحيطة التي يتعرض لها والتي يمكن أن تلعب دورا حاسما في تشكيل سلوكه وصناعة ردود الأفعال الصادرة عنه.
قبل بسطي لمكونات الشخصية التي تتأثر بالظرفية والتي تساعدنا في تحليلها ومن ثم تجسير العلاقة بين الشخصية من جهة والظروف المحيطة من جهة، لا بد من التطرق لمجموعة من الخطوات المنهجية التي يجب على الدارس أن يتبعها حتى يتمكن من ربط متين رصين بين هاتين النقطتين وهي كالتالي:
- جمع المعلومات والبيانات المتعلقة بالظرفية: قبل البدء في تحليل الشخصية، من الواجب القيام بعملية جمع البيانات والمعلومات المتعلقة بالظروف المحيطة بالشخص في الأوقات المعينة التي يرغب الدارس في التركيز عليها وتحليلها وهذه الظروف يمكن أن تكون ذات بعد مادي او اجتماعي او عاطفي او ثقافي او نفسي.
- تحليل التأثير: حيث نقوم بتحليل العلاقة بين الظروف وسلوك الشخص وردود أفعاله العاطفية والنفسية وهذا يتم عن طريق طرح مجموعة من الأسئلة منها مثلا: هل يظهر سلوك محدد كاستجابة من طرف الفرد لظروف معينة؟ هل يصبح الشخص أكثر عزلة وحذرا عندما يكون في بيئة ضاغطة؟ هل يبدي انخفاضا في النشاط والاهتمام والحيوية عندما يكون حزينا؟ …
- الترابطات والعلاقات: على الدارس في هذه الخطوة أن يبحث عن الروابط والعلاقات القائمة بين الظروف المحيطة من جهة والفعل ورد الفعل العاطفي للشخص من جهة أخرى. هل هناك نمط محدد منتظم للسلوك في ظروف معينة؟ هل هناك عوامل محددة تؤثر بشكل أكبر على سلوك الفرد وردود أفعاله؟
- تحليل النتائج: على مستوى هذه الخطوة نقوم بتحليل البيانات والملاحظات التي تم تجميعها خلال المراحل والخطوات السابقة لنقوم باستنتاج العلاقات القائمة بين الظروف وسلوك الشخصية وهذا سيمكننا من إدراك الأنماط الكبرى ووضع اليد على الاتجاهات الرئيسية التي تؤثر على سلوك الشخص وتحدد النمط السائد لشخصيته.
- النماذج السلوكية: هذه المرحلة يقوم فيها الدارس باعتماد المعطيات والترابطات واستنباط النتائج واستنطاق المواقف المتباينة واكتشاف النماذج السلوكية الموجهة لسلوك الشخصية، كل هذا من أجل وضع صنافة خاصة بهذه الأنماط السلوكية للتنبؤ بسلوك الفرد وردود أفعاله في مختلف المواقف المستقبلية: أي أن الشخص قيد التحليل يتفاعل بنفس الطريقة ويصدر عنه نفس ردود الأفعال في سياقات ظرفية متشابهة مما يشير الى وجود أنماط واتجاهات معينة في سلوكه تسهل علينا تحليل شخصيته.
- الاستنتاجات والتوصيات: يقوم الدارس في هذه الخطوة المنهجية بتقديم النتائج الرئيسية من التحليل وتقديم توصيات العملية قائمة على ما توصل اليه من انماط ومن نماذج سلوكية تساعده في تحليل الشخصية قد تتضمن التوصيات كذلك تطوير استراتيجيات عملية للتعامل الجيد مع الظروف المحيطة وتأثيرها المباشر في تحليل الشخصية.
* المحاور الأساسية لتجسير تحليل الشخصية بالظرفية:
بعد تقديم الخطوات المنهجية التي يجب أن يتبعها دارس الشخصية والراغب في دراستها وتحليلها سنقدم الآن مجموعة من النقاط التي يجب أخذها بعين الاعتبار حين محاولة الربط بين الظرفية وتحليل الشخصية وهي كما يلي:
- الموقف الاجتماعي: حيث أن سلوك الشخص يتأثر بالموقف الاجتماعي الذي يمر به وهذا يكون إما داخل العمل أو في علاقته العاطفية مع أسرته، مع محيطه وفي بيئة عمله كذلك. يمكن لهذه الظروف الاجتماعية أن تؤثر في تحديد أنماط السلوك الصادرة عن الشخصية وكذا الاستجابة للمواقف المختلفة التي تمر عليه.
- الظروف النفسية والعاطفية: إن العواطف والأحاسيس والحالة النفسية للشخص لها تأثير كبير على سلوكه سلبا أو إيجابا. فإذا كان الشخص يعاني من مشاكل نفسية وضغوط بسبب العمل أو الأسرة فإن هذا يؤدي إلى دخوله في دوامة من الحزن والقلق وهذا يكون لديه آثار متباينة على سلوكياته وتصرفاته.
- الظروف الثقافية والتربوية: وتشمل القيم والمعتقدات والعادات ونمط التعليم والتربية التي تلقاها الشخص. كل هذا يلعب دورا هاما في تشكيل شخصيته وصناعة نمط تفكيره وكيفية إنتاجه للسلوكيات: هذا يعني أن القيم الثقافية والاجتماعية تؤثر على تفضيلات الشخصية واختياراتها وعلى تصرفاتها واستجاباتها لمختلف المواقف المحيطة.
- الضغوط الخارجية: تعد الظروف الخارجية مثل الضغوط المهنية أو المالية أو الصحية أو النفسية من أهم العوامل التي تؤثر على سلوك الفرد وتشكل شخصيته وتصنع سلوكه وردود أفعاله في الظروف المعينة التي يمر بها.
بناء على كل ما تقدم فإن تحليل الشخصية بشكل أعمق وأمتن يتطلب من الدارس أن يأخذ بعين الاعتبار مجموعة من الظروف المحيطة وأثرها السلبي أو الإيجابي في تشكيل السلوك وصناعته وكذلك ردود الأفعال الصادرة عن الشخص، هذا كله من شأنه أن يقدم تحليلا وازنا يمكن أن نعتمده للتنبؤ بأنماط سلوكية صادرة عن هذا الشخص ومن ثم تبني دليل فعال وناجع للتعامل المنتج مع كل شخصية على حدة.
جميل ما أبدعت أستاذ عبد الهادي؛ تقبل مروري