شخصية “إبليس” في القرآن الكريم

بقلم: حسن فرحات

خلق الله آدم، وأمر الملائكة بالسجود له، فظهر المثير..  استجابت كافة الملائكة للأمر الإلهي ما عدا إبليس، أبى وتكبّر وقد بيّن القرآن الواقعة من خلال: “وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ” (سورة البقرة الآية 34).

عند المثير، كوّن إبليس إعتقاده بناءً على أساليب التفكير، فـَ الموروث كان عبادة الله وتلبية الأوامر دور إعتراض وهو ما فاضت به الأحاديث والروايات عن عبادته الخالصة لله قبل ظهور مثير السجود لآدم، إعتقاده لم يكن مرتبطاً بـِ البيئة المحيطة حيث الجميع سجد فكان متفرداً شاذاً عن بيئته وما يُعتقد بها. وكذلك الأمر لم يكن إعتقاد إبليس تجاه المثير مرتبطاً بـِ الصلابة العاطفية فحينها لم يلتفت إلا لـِ تفضيلاته المبنية على تفاصيل سنعالجها لاحقاً في المقال؛ فكان سلوكه التمرد والتكبر ورفض الخضوع للأمر الإلهي. ولكي يبيّن لنا الله، سبحانه وتعالى، كيف تكوّن إعتقاد إبليس وطيف من شخصيته، سأله إذ تقول الآية الكريمة: “قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ” (سورة الأعراف الآية 12). 

فـَ سؤال الله جلّ جلاله في الآية الكريمة هو إخباري بإمتياز ليبيّن لنا إثبات التكرار وثبات النمط وليس ليحصل سبحانه على معلومة – والعياذ بالله – وعليه، إنّ جواب إبليس يبيّن إعتقاده المرتبط بأساليب التفكير والتفضيلات بمقارنة الذات أنّه خيرٌ من آدم، وعبّر عن إعتقاده بسلوك العصيان والتمرد والخروج من طاعة الله. وكانت النتائج بأمره الله أن “قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ” (سورة الأعراف الآية 13).

نلاحظ حتى الآن أنّ لشخصية إبليس نمطاً متحفظاً، فقد قدّم تحليلاً دقيقاً في تفاصيل تكوينه ومقارنتها بتكوين آدم وذلك عبر منهجية واضحة، كما أن له نمطاً متمرداً حيث رفض سلطة الله بأمر السجود وتبنى مقاومة الأمر الإلهي كمبحث غريب في ذلك الحين!

وبالغوص أكثر في التفاصيل السلوكية، فـَ إبليس كان إخبارياً متكبراً سريع الردّ وتقبّل التحديات حيث ردّ على الله جلّ وعلا بما نقلته الآية: قَالَ فَبِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي لَأَقۡعُدَنَّ لَهُمۡ صِرَٰطَكَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ (سورة الأعراف الآية 16) ثُمَّ لَأٓتِيَنَّهُم مِّنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ وَعَنۡ أَيۡمَٰنِهِمۡ وَعَن شَمَآئِلِهِمۡۖ وَلَا تَجِدُ أَكۡثَرَهُمۡ شَٰكِرِينَ (سورة الأعراف الآية 17).

وبناءً عليه يمكن القول أنّ إبليس كان في ردّه مسيطراً.

موجزٌ سريع يتبعه مقالات تفصيلية، وللحديث تتمّة.