الرخصة الدولية لتحليل الشخصيات

إخفاق موفق

بقلم: صفا حكمت الصايغ

تجربتي مع الفشل، أو لأكن منصفة قليلا، لأننا في هذه المرحلة نسعى جاهدين لاستبدال السلبية بالإيجابية وتجميل وترقيع المفاهيم والأحكام. لست ضد هذه الفكرة، بل على العكس أنا من مشجعيها.

حسنًا، استبدلنا الفشل بالتعلم والاستعداد بالخبرة لما هو قادم. اليوم، وبعد العديد من السنوات، ما يتجاوز ٣ سنوات، لم يسبق لي أن أسقط في امتحان، وفي مفهومه الجمالي لم أتجاوز الإمتحان. فكيف لي أن أتعثر في امتحان تعبت عليه ودارت عليه نقاشات طويلة ودقيقة وتعددت وجهات النظر، حتى رست على بر الإجابة؟

حدث ذلك، نعم، أنا تلك المجتهدة التي أنهت جامعتها بتفوق وتستعد لتخرج أكبر، سقطت في امتحان، وكم أنا فخورة بذلك الآن! بعد مرور ساعات قليلة على معرفتي بذلك الخبر. الآن، تجاوزت الصدمة وبدأ عقلي والوعي بالعمل.

 

أولا، تعلمنا قبل أن نحكم على السلوك، أن نحاول معرفة الاعتقاد خلف ذلك السلوك. كما نعلم أن الاعتقاد هو الفكرة المتولدة تجاه المثير. فما كان اعتقادي خلف الفشل الذي كان بمثابة المثير؟! نحن نعي أن للاعتقاد  مراحل، فما الذي حدث معي؟

بدايةً في المعرفة، وهي القدرة على وصف ما حدث، فما حدث معي كان حرفيًا عدم اجتياز الامتحان الأول، أي عدم النجاح.

ثانيًا، الانتقال إلى الفهم، وهو تفسير الشيء، ما حدث معي أنّني لم أستطع جمع ما يكفي من العلامات لاجتياز معدل النجاح، والشعور بخيبة أمل أولية. 

ثالثًا، الوعي، وهو القدرة على التعامل مع الشيء، حيث يكمن جوهر مهمتنا في الانتقال إلى الوعي. فبعد ما حدث معي اليوم، حسنًا، غضبت وشعرت بخيبة أمل، لكن ها هي تبدَّلت وروح التحدي استيقظت من جديد كأنها كانت غائبة في سبات عميق، وهذا الفشل كان بمثابة جهاز إنذار أيقظها ووضعها قيد العمل، وسارعت فورًا بوضع خطط للمذاكرة ومراجعة المعلومات على مدار ٤ أيام باقية قبل الخضوع للاختبار الثاني.

وها هي المرحلة الأخيرة، مرحلة الإدراك، والتي تعني القدرة على استخدام واستثمار الشيء. فبعد ما حدث، أنا سعيدة اليوم بفشلي، لأنه ذكرني بحلاوة النجاح، وأن في بعض التراجع فرصة أكبر للانطلاق بقوة أكبر إلى الأمام، فلن يكون فشلي عقبة، وقوفًا على عكس ذلك، بل عتبة انطلاق جديدة.

فكما تعلمنا أن الإعتقاد ممكن تحسينه وتطويره، سأعمل على تحسين نقاط ضعفي وتطوير نقاط قوتي.

أنا اليوم قررتُ أن أكون من الأشخاص المؤثرين وليس المتأثرين، وأيضًا أنا اليوم غيّرتُ نظرتي للفشل. فكنتُ أعتقدُ أنه قرارٌ شخصيٌ ومسؤوليّته تقع حتميّاً عليك، ونحن وضعنا شعاراً أنّنا نتعلّم من الفشل فقط لنجمل فشلنا، ونُعطي أعذاراً لمن فشل.

ولكنّي اليوم أبدأ بإعادة إنتاج الأسلوب وأنظر للفشل بعين جديدة. أخيرًا يُمكننا القول إني اليوم محظوظةٌ بفشلي. حسب ما تعلّمناه كانَ محظوظاً من يُعيدُ إنتاجَ أسلوبِه.