أخلاقيات تحليل الشخصيات

(ما مستوى الالتزام بالمعايير الأخلاقية في ميدان تحليل الشخصيات؟)

“سلسلة”

(الجزء 3/2)

بقلم: عسري عبد الإله
إجازة في القانون الخاص والمقارن
ديبلوم الدراسات الجامعية العامة

  • القضايا العامة:

وترتكز في مجملها على جملة من “الأخلاقيات” العرفية المتعارف عليها إما بشكل مكتوب أو ضمني، وعدم الامتثال لها سوف ينطوي على تقييم للإهمال المهني، وهذه القوانين تنص على كرامة الإنسان وضمان حقوقه، وتفرده، وحقه في التقدير والاحترام، وعدم المساس به، وحقه في الانسحاب من الدراسة في أي وقت، ويمكن تلخيصها وانتقاء ما ينفع دراستنا هنا:

النهج الأخلاقي: في مجال تحليل الشخصيات وعلم النفس عموما، يتم توظيف نهجين واسعين للمشاكل الأخلاقية:

  1. النهج القائم على الواجب: الالتزامات الأخلاقية التي تنص على أنه لا يجب أن تكون هناك “علاقات” تجمع المريض والمعالج لضمان نوع من الحيادية وإقامة قواعد ممارسة جيدة للمهنة وللتحليل عموما.
  2. ونهج المنفعة: من أجل تحقيق نوع من التوازن حول الفائدة والضرر.

في ركن المبادئ الأخلاقية: تم اعتماد ثلاث مبادئ أخلاقية:

الاستقلالية: إشراك “المرضى” والذين تحت الاختبار، في اتخاذ القرارات، واحترام آرائهم في إجراء تحليل الشخصيات من عدمه دون إكراه.

الإحسان: يعني فعل ما هو أفضل (للمرضى) أو الشخص الذي تحت التشخيص، وليس إجراء التحليل أو التجربة بهدف الحاق الضرر، بل الهدف هو العلاج.

العدالة: أي التصرف بنزاهة وتحقيق التوازن بين مختلف الأشخاص.

قواعد الممارسة الجيدة:

تم إعداد قواعد خاصة بالممارسة الجيدة والمبادئ التوجيهية والإشراف عليها من قبل منظمات مهنية مثل الجمعية الأمريكية للطب النفسي (1995) (*3)، ومنظمة الصحة النفسية العالمية التي تسعى الى تعزيز كرامة الأشخاص المصابين بأمراض نفسية، وفي المملكة المتحدة المجلس الطبي العام (2004) والكلية الملكية للأطباء النفسيين (2000). وفي بعض البلدان يتم إقرار هذه القواعد الأخلاقية من قبل الحكومة وليس من (أصحاب المهن) في عملية فقدان للثقة.

  • المشاكل الأخلاقية في ممارسة الطب النفسي وتحليل الشخصيات:

يمكن إجمالها في عنصرين:

العنصر الأول: (العلاقة بين الطبيب والمريض)

تعتبر علاقة “الثقة” بين طرفي العلاقة هي أساس الممارسة الأخلاقية، وينبغي أن تحكم هذه العلاقة ما فيه مصلحة الطرف الذي نحلل شخصيته، من سرية وعدم إيذاء بسبب المعلومات المتحصل عليها، و احترام الاستقلالية و الإحسان و عدم الإيذاء و العدالة -كما ذكرنا سابقا-.

فكلما زادت شدة العلاقة والقرب بين الشخص المعالِج والمعالَج -بفتح اللام-، كلما زادت احتمالية الجرح أو الإيذاء وإساءة استعمال المعلومات، واحتمالية التأثير على قيمهم ومعتقداتهم (حالة فرض الإجهاض مثلا) أو التأثير على أحد الزوجين بهدف التطليق لقرابة المشخص من أحد طرفي العلاقة، أو التأثير على مصالح العمال لصالح أرباب العمل، أو إطالة أمد العلاج والجلسات من أجل المكاسب المادية عند معرفة أن الشخص ثري، وهي أمثلة للإشارة سقناها من الواقع المعاش، و تمتلأ بها جنبات المحاكم هذا وصلت الى هناك.

العنصر الثاني: السرية

يعتبر عامل السرية حلقة مركزية للثقة بين الطرفين، ومن الأهمية بمكان، لأن المعلومات و “التفاصيل” اللازمة للدراسة، يتم جمعها بشأن أمور خاصة وحساسة أحيانا، وكقاعدة عامة لا يجب الكشف عنها بدون موافقة الشخص (وقاعدة السرية من أقدم الشروط في ميدان الطب ترجع لقسم أبقراط الشهير). وقد أعيد نص القاعدة في إعلان جنيف 1948 لحقوق الإنسان، و لها تنصيص على أرض الواقع (كحماية السجلات كيفما كان نوعها ورقي، رقمي وغيره..).، و تبادل المعلومات مع الأقارب المقربين، وعدم الكشف عنها لطرف ثالث، وللإشارة فهذه المبادئ التوجيهية المهنية ليس لديها قوة القانون، و لكن تؤخذ على محمل الجد من قبل المحاكم، و غالبا يتم الإشارة إلى هذه المبادئ فالقانون المدني و الجنائي و حتى الدستور في أغلب البلدان، مع ذكر بعض الاستثناءات كالمريض مختل العقل، أو انتقال العلاج من طبيب الى آخر على وجه السرعة، أو ما فيه المصلحة العليا للشخص (المريض) (مثال استعمال المريض لعقاقير معينة، ممارسة سلوكيات معينة، الاشتباه في إساءته معاملة الأطفال، أمراض معدية، أي ما يدخل في حالة (الضرر الجسيم الموجه نحو الغير).

  • حدود أخلاقيات البحث:

تمت إثارة أخلاقيات البحث وبشدة بعد العديد من الخروقات البحثية، -كما أسلفنا-، وهنا يجب التساؤل عن حدود العلاقة بين العلاج بالموافقة وبين أن يصبح التشخيص (إلزاميا) دون موافقة الشخص الذي تحت التشخيص، ففي وجود تشريعات محددة لضمان أن الأشخاص الذي يعانون من مرض عقلي شديد، يمكن علاجهم كرها، و أن هذا العلاج خاضع للفحص الدقيق، فهو سمة كل المجتمعات المتقدمة، فالنص القانوني لاحتجاز الأفراد المضطربين الموصوفين بـِ “مجانين بشراسة”.

تنشأ أغلب المشكلات الأخلاقية، في الفترة التي يقدم فيها الباحث على تجميع البيانات في الدراسة فتلك المرحلة بمثابة موقف صعب يحتاج فيه الباحث إلى أن يوازن بين العديد من القرارات التي تبدو متعارضة مع بعضها وخصوصا تلك التي تتصل بالأضرار المحتمل حدوثها للأفراد المشاركين. ولا تنتهي إلا بانتهاء الدراسة لاحتمال تسرب المعلومات.

ومن المشكلات الأخرى التي يحتاج أن يفكر فيها الباحث التربوي مشكلة أثر تفاعله مع البيئة التي يجري فيها البحث بما يتضمن من مفحوصين على نتائج البحث.